اللواء ركن (م):حسام سويلم
كشفت الصحف الروسية عن تجربة لأول قنبلة إعتماداً على تقنيات (النانو) تمت في بحر برانيتس تتراوح كتلتها بين 8000-500 كجم، وتعادل قنبلة نووية تكتيكية. فقد ذكر مسؤلون عن استخدام تقنيات (نانو) لتطوير قدرات الصواريخ RS-24 أنه سيتم مستقبلا تزويد جميع الصواريخ الباليستية الإستراتيجية بها فى خطة تستكمل عام 2020، وتتضمن إستمرارية الصواريخ في آداء مهامها لأطول فترة ممكنة في ظل وجود أسلحة هجومية معادية في الفضاء الخارجى
وجاء ذلك في إشارة إلى نجاح تجربة الصاروخ RS-24 في نوفمبر 2008 والتي تلاها قرار بضمه إلى الخدمة الميدانية قبل نهاية عام 2009. وينتظر أن يحل محل نظامي الصواريخ RS-18، RS-20 وهما أيضا من الجيل الخامس ويقدران على حمل 6-10 رؤوس نووية.
ويعترض بعد القادة الروس على ذلك باعتبار أن النظام الصاروخي RS-20 يمكن تمديد خدمته إلى 10 سنوات أخرى، وهو الأقوى في العالم ويوجد منه 88 منصة إطلاق ويحمل 10 رؤوس تصل قدرتها التدميرية إلى 8.8 ميجاطن ومداه إلى 11.000 كم، وأن استبداله بنظام RS-24 سيتطلب نفقات مالية باهظة. أما الصواريخ الأقدم RS-20B فهي بالفعل تقترب من نهاية خدمتها ميدانيا وستسحب قريبا.
وقد أعلن القادة الروس أن سلاح الصواريخ الإستراتيجية سيزيد وبصورة حادة من ترسانته من الصواريخ الباليستية عابرة القارات، حيث سيحصل على 17 صاروخ باليستي إضافي سنوياً، مقارنة بأربع صواريخ كان يحصل عليها سنويا خلال الأعوام الماضية، وتدخل الصواريخ عابرة القارات في إطار خطة طموحة لتحديث ترسانة الجيش الروسي بدأت في عام 2007 ومستمرة إلى 2015، وتبلغ قيمة البرنامج 189 مليار دولار، ويتضمن هذا البرنامج الحصول على 34 صاروخ طراز (توبول -م) ووحدات التحكم الخاصة بها من التي تستخدم قواعد أرضية ثابتة، فضلا عن 50 صاروخ آخر تعمل من منصات إطلاق متحركة، وتنشر روسيا حالياً حوالي 40 صاروخ من هذا الطراز.
وتوجد حاليا خطة لتزويد قوات الصواريخ الإستراتيجية بـ 6منصات إطلاق متحركة قبل نهاية عام 2009 في إطار أول فوج تزود به هذه القوات بأنظمة صاروخية ذات منصات متحركة تحمل صواريخ برؤوس إنشطارية. في ذات الوقت يتم التخطيط لوضع نظام الصاروخ توبول - M المتحرك في تشكيلتي الصواريخ الإستراتيجية (تيكونو) و(تاتيشيفو).
ولدى روسيا حالياً 700 منصة لإطلاق الصواريخ الإستراتيجية، وهو ما دفع قائد سلاح الجو الروسي الجنرال فلاديمير ميخائيلوف إلى القول بأن “الولايات المتحدة تنفق عبثا أموالا طائلة لنشر دروع صاروخية في أوروبا، فالشبكة الأمريكية لن تكون قادرة في جميع الأحوال على التصدي لأكثر من بضع عشرات من الصواريخ الروسية في حال الإشتباك، فما مدى فاعلية نشر الصواريخ في هذه الحال؟”.
والإجابة على هذا السؤال طرحت عدة فرضيات أمام الخبراء الروس، أولها يكون نشر الصواريخ في بولندا وتشيكيا مجرد خطوة أولى سيتلوها نشر منظومات مماثلة في بلغاريا والمجر وسلوفاكيا، وبعد ذلك في بلدان أسيوية في منطقتي آسيا الوسطى والمحيط الهادي. وفي تلك الحال ستكون واشنطن قد أقامت طوقاً لأنظمة الرصد والشبكات الصاروخية يغطي أراضي روسيا كلها، وهذا ما يفسر الإسراع في تطوير قدرات صاروخية روسية قادرة على إختراق الدرع الأمريكى في كل وقت.
أما الفرضية الثانية فتقوم على إحتمال تخطيط واشنطن لإجراء تعديلات لاحقة في مواقع الشبكات الصاروخية الدفاعية تحولها عند الحاجة إلى قواعد لنشر صواريخ إستراتيجية عابر للقارات، وهذا سيجبر روسيا على نشر شبكات دفاعية على طول حدودها وهو أمر مكلف ومعقد. وعلى رغم ذلك يرى العسكريون الروس أن أنظمة الدفاع الصاروخى الروسية (Triumph S-400) يمكن أن تشكل أساساً لهذه الشبكات بعد إدخال تحسينات جديدة عليها لتصل سرعة صواريخها من 4.5كم/ثانية حالياً إلى نحو 9كم/ ثانية، وينتمي هذا النظام إلى الجيل الأكثر حداثة في تلك المنظومة، حيث تتميز صواريخ S-400 بقدرتها على إصابة وتدمير جميع الطائرات والصواريخ المجنحة وجميع وسائل الهجوم الجوية الأخرى الموجودة في العالم حاليا. وتم نشر هذا النظام في بيللاروسيا، وفي منطقة الحدود الروسية مع كوريا الشمالية في الشرق الأقصى.
أما الفرضية الثالثة فتقوم على أن خطط واشنطن ربما تكون غير واقعية، أي أن الأمريكيين أطلقوا بالون إختبار لقياس رد الفعل الروسي، وكشف مدى إستعداد روسيا لمواجهة أى تطورات ممكنة، ويعقد البعض مقارنات بين الوضع الحالي ومبادرة الدفاع الإستراتيجي المعروفة بـ “حرب النجوم” التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، وأرهقت الإتحاد السوفييتي في محاولات مجاراتها.
وإلى جانب الإعتماد على منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ والطائرات S-400 كركيزة لهيكل الدفاع الجوى والصاروخى الروسى، فقد إهتمت الصناعة العسكرية الروسية أيضا بتحديث منظومات الدفاع الصاروخى والجوى “S-300”، و’’انتاى 2500”، و”تور-م”، و”إيجلاس-س”، و”بوك-م1” و”أوسا-أك م”، وتفوسكا-م1”، هذا إلى جانب تطوير منظومة الإنذار المبكر بأنظمة مراقبة فضائية وجوية ورادارية.
وفي حين ينصب الإهتمام الروسى على تطوير القدرات الصاروخية، فإن الخطة الإستراتيجية الروسية تشمل تطوير سلاح الجو كله، بما في ذلك تحديث قدرات المقاتلات الروسية ورفع درجة كفاءتها خلال العامين القادمين مرتين ونصف بحسب المصادر العسكرية، وفي هذا الإطار فإن الجيش الروسي يستعد لاستخدام أجيال جديدة من المقاتلات (سوخوى) الحديثة طراز (سو35). وقد أظهرت معركة جوية إفتراضية نظمت في قاعدة (هيكيم) للقوات الجوية الأمريكية أن المقاتلة الأمريكية الحديثة F-35 لا تستطيع منافسة المقاتلة الروسية سوخوى -30 (الأقدم من سوخوى - 35) إذ تغلبت المقاتلة الروسية على غريمتها الأمريكية على شاشة الكمبيوتر في جهاز المحاكاة.
ومع بداية عام 2008 بدء تصنيع الجيل الخامس من المقاتلات (سوخوى) بواسطة شركة تشاكلوف للصناعات الجوية، وذلك بتجميع المقاتلة القاذفة (سوخوى 35) الحديثة للمرة الأولى، وذكرت شركة سوخوى القابضة أن باستطاعتها حالياً تجميع 20 طائرة فى وقت واحد فى مصانعها بمنطقة نوفوسبيرسك، وذلك بعد التحديث الذي أدخل على مصانع الشركة طوال عام 2007. بالإضافة إلى ذلك نجحت المؤسسة الصناعية العسكرية في تطوير مقاتلة جديدة تقوم على أساس المقاتلة (ياك 130) التي ستدخل الخدمة إعتبارا من العام المقبل 2010.
وأيضا من مقاتلات الجيل الخامس التي تطورها روسيا المقاتلة الجديدة (ت-50) التي أطلق عليها إسم طائرة المستقبل وذلك بحلول عام 2015، والتي تطلق عليها القوات الجوية الروسية أيضا (سوخوى PARK - FA) وتعنى Future Air Complex for Tactical Air Forces. وهى أقرب من إمكانات المقاتلة الأمريكية F-22 رابتور، ومهمتها تحقيق التفوق الجوى فى المرتبة الأولى، بينما تأتي مهام قصف أهداف أرضية وبحرية في المرتبة الثانية، وتبلغ قيمة الواحدة منها 30 مليون دولار، ويبدأ خط إنتاجها عام 2010. وهي قادرة على الإقلاع من ممرات قصيرة (160م)، كما تتمتع بالقدرة على التخفي من الرادارات (نظرية ستيلث) مع تدني شديد في مقطعها الراداري ويساعد على ذلك أن محركي الطائرة - من إنتاج مصانع ساتورن في مدينة ريبينسك - يتيح لها أن تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت مرتين ونصف من دون أن يتطلب ذلك مزيدا من الوقود، وبالتالي لا ينبعث منها المزيد من الحرارة التي تقلل قدرة الطائرة على التخفي عن الرادارات المعادية.
وتعتبر المقاتلة الإعتراضية (ميج -35) هي الأحدث بعد (ميج -29) لتوفير الحماية والسيطرة الجوية والقتال الإعتراضي في الجو، ويطلق عليها حلف الناتو FUL-CEAF، وهي متعددة المهام، ومزودة بأحدث النظم الإليكترونية في مجال الرصد والتتبع والتصويب بالصواريخ جو/جو والإتصالات والإعاقة، وأهم تطوير فيها هو إدخال نظام رادار مصفوفي يساعد في تحسين الكشف والتتبع وزيادة المدى للكشف المبكر لعدة أهداف معادية وتفاديها. حيث تسمح بكشف الأهداف الجوية لمدى 45كم، والأهداف الأرضية 20كم، ومحركها عالي القدرة LBF-19840، وتسلح بصواريخ جو/جو، وجو/أرض، وقنابل جو/أرض، ومدفع 30مم.
كما تسعى روسيا لتطوير القاذفات الإستراتيجية لتكون قادرة على حمل صواريخ كروز بعيدة المدى SS-X-27 تعمل بنظرية ستيلث (الإخفاء).
وفي مجال المروحيات قام مصنع (ميل) بتطوير المروحية (مى-28 N) والتي تعد نسخة معدلة بقدرات أكبر من المروحية (مى-24) التي تعتمد عليها التشكيلات الجوية الروسية حاليا، والمروحية KA-52. وسيحصل السلاح الجوي الروسي على 100 مروحية من طراز (مى-28N) الهجومية وهي قادرة على حمل 3640 كجم من الأسلحة والذخائر ومجهزة بصواريخ مضادة للدبابات ومعدات زرع ألغام وجهاز ليزر لتحديد المسافات، وتبلغ سرعتها 33كم/ساعة وتحلق ساعتين في الطلعة الواحدة، ولذلك تخصصت لمهاجمة الأهداف المعادية المدرعة وتجمعات المشاه ليلا ونهاراً. وقد دخلت الخدمة في نهاية عام 2009 بعد أن إجتازت الاختبارات والإستخدام التجريبي. كما قرر الجيش الروسي إحلال أسطوله الضخم من المروحيات الخفيفة (مى-2) بمروحيات أخرى خفيفة أحدث طراز (Ansat-3) حيث بإمكانها نقل حمولة تزن 1.7 طن، كما يمكنها نقل 17 فرد، ومداها 950كم. أما الطراز الأحدث (Ansat-2RC) فهي متعددة المهام تخصص للاستطلاع بقوة والهجوم الأرضي والدفاع الجوي، ومنها طراز يعمل مع القوات البحرية حيث تسلح به الفرقاطات الحديثة.
وتطور مصانع الطائرات الروسية سلسلة من طائرات التجسس مصممة للتحليق في طبقات الجو العليا (ستراتوسفير)، ولا يمكن رصدها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي المعادية. وبهذا النوع من طائرات الاستطلاع يمكن مراقبة مناطق واسعة من الأرض دون الدخول في المجال الجوى للدول المعادية. هذا في حين تقوم حاليا المقاتلات سوخوى MR-24، ميج 215 RB بمهام الاستطلاع الجوي وتوجد منها أعداد كافية في السلاح الجوي الروسي.
وتبدي القوات الجوية الروسية إهتماما كبيرا بتطوير أسطولها من الطائرات بدون طيار، فقد طلبت وزارة الدفاع الروسية تصنيع سلسلة متكاملة من طائرات بدون طيار لمهام الاستطلاع والتعقب والهجوم ضد أهداف أرضية ثابتة ومتحركة من الطراز الجديدة (تيبشاك)، ويمكنها التحليق لمدة 24 ساعة وعلى مدى 40كم من مركز السيطرة الأرضي، هذا بالإضافة لتطوير الجيل الحالي من الطائرات بدون طيار طراز (IRKUT) وأحدثها قيد التطوير حاليا (IRKUT-DA42) ويتميز هذا النوع باقتصادية التشغيل والصيانة والعمر الإفتراضى العالي جدا، ولكن مهمتها تنحصر في الاستطلاع بواسطة المستشعرات وإرسال صور فورية عالية الدقة والوضوح إلى المحطات الأرضية التي تطلقها، وينفرد الطراز الأحدث IRTUT-850 بقدرته على إرسال صور ثلاثية الأبعاد رادارية وفيديو وأخرى بالأشعة تحت الحمراء وحتى مسافة 200كم من المحطة الأم. وتصل سرعتها إلى 270كم/ساعة وعلى إرتفاع حتى 9كم، ولكن مدة بقائها في الجو لا تتجاوز 12 ساعة. وقد أفاد قائد القوات الجوية الروسية الكسندر زبلين أن الطائرات بدون طيار الجديدة (تيبشاك) ستتسلمها القوات الجوية في عام 2011، وستمثل هذا النوع مستقبلا 40? من مجموعات طائرات القوات الجوية الروسية في مرحلة قادمة، وأكد أن دورها لن يقتصر على مهام الاستطلاع بل سيشمل القتال أيضا.
أما في مجال الذخائر الجوية فقد كشفت مجلة (ديفنس ويكلى) عن أحدث القنابل الروسية LGB-250 بالموجهة الليزر، وهى شبيهة بالقنبلة الأمريكية (بيفواى2). وأوضحت المجلة أن القنبلة الروسية تزن 100كجم من المواد المتفجرة والمتشطية وتصل دقتها إلى ما بين 3-10 متر، وسيتم تسليح المقاتلات سوخوى الحديثة بها. هذا بالإضافة لتطوير الصاروخ جو/جو 2 R73- من إنتاج شركة (فيمبل) للقتال الجوي القريب، وهو يتفوق على نظيره الغربي R77 الموجه بالرادار.
وسيتم به تسليح المقاتلات الروسية الحديثة من طرازات (سوخوى) و(ميج). وقد شهد عام 2009 تطوير روسيا لقنبلة فراغية أشد قوة من السلاح النووي، وقد وصفها التلفزيون الروسي بأنها “القنبلة الفراغية الأقوى”، وأوضح أنها تستطيع نشر موجه صدم تدميرية تحاكي قوة إنفجار قنبلة نووية، مما يعني أنها تذيب الفارق بين الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل، وقد أطلق عليها الروس (أبو القنابل جمعاء)وقد بثت قناة التلفزيون الروسية (فيستى تشانل) التابعة للدولة شريطا مسجلا لتجربة هذه القنبلة ألقتها قاذفة ثقيلة Tu-160حيث أحدثت انفجاراً كبيرا جدا في الموقع المستهدف أزال جميع المباني المقامة فيه. وهي تشبه إلى حد كبير القنبلة الأمريكية Dizzy cuter التي استخدمت في قصف معاقل تنظيم القاعدة وطالبان في جبال تورابورا في أفغانستان، وفي أثناء غزوها للعراق. وبالرجوع إلى المصادر الروسية تبين أن نظرية “التفجير الحجمي Volume Detonating Weapons” أو ما يطلق عليه “قنبلة الغاز”.
حيث تنفجر القنبلة على مرحلتين، يأتي الانفجار الأول صغيرا وينثر الشحنة الرئيسية المكونة من بودرة الوقود الصلبة الممزوج بنسبة قليلة من المواد المؤكسدة، وفي قلب هذا المخزون يوضع شحنة شديدة التفجير (صاعق). وعند انفجار الشحنة الأولى ينفجر خزان الوقود وينثر مواده في الفضاء المتاح، وبذلك تمتزج تلك المواد مع أكسجين الهواء الجوي فوراً، وسرعان ما يتكون وسط حار يتسبب في احتراق سريع وكامل للوقود، عندها تكون كثافة السحابة المتفجرة قد وصلت إلى الكثافة والإرتفاع المطلوبين مما يؤدى إلى توليد الموجه التفجيرية الثانية.
والتي تولد موجات ضغط عالية جداً (قد تصل إلى أكثر من 30 ضغط جوي) كفيلة بإبادة كل من تحت السحابة من أفراد ومعدات ومركبات ومنشآت وألغام نتجية توليد فراغ جوي، وبعد إستهلاك كميات كبيرة من الأكسجين الذي يشكل خمس الهواء، والذي يضغط بثقله الهائل على المساحة التي انتشرت السحابة الغازية فوقها، حيث يتبخر أي كائن حي في هذه المنطقة على حد تعبير التلفزيون الروسي. وهي أقوى بكثير من القنبلة الأمريكية “قنبلة التفجير الهوائي فائقة الكتلة (MOAB) Massive Ordinance Air Blast Bomb) والتي أطلق عليها الأمريكيون أم القنابل. وقد أكد التقرير الذي بثته القناه التلفزيونية الروسية أن هذا السلاح لا يترك أي أثر ملوث على البيئة (لا إشعاعات) مقارنة بالأسلحة النووية.
وعلى عكس ما توفره الجدران الصلبة والخراسانات المسلحة من حماية للأفراد من المتفجرات التقليدية، فإن القنبلة الفراغية الجديدة تدمر جميع التحصينات، بل تضاعف من مفاعيل القنبلة، وتقود موجه الصدم عبر الرذاذ المتفجر بين الجدران والهياكل الصلبة لتطاول كل المختبئين في ثنايا المباني المحصنة، وكلما كانت الجدران والدعم أقوى كان مفعول الضغط المنعكس عليها أكبر. كما أن دمج غبار الوقود المتناثر بالأوكسجين المحيط في عملية كيماوية تفاقم في سرعتها سرعة موجة الضغط والحرارة، كذلك يساهم حصار الجدران الصلبة في سرعة نشوء حال الفراغ التى يخلفها تفاعل اختراق الوقود في الأماكن المقفلة.
ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية، اتخذت القيادة السياسية - العسكرية الروسية في 27/2/2009م قراراً جريئا لم يسبق أن إتخذ حتى في عهد إزدهار الاتحاد السوفيتي السابق، ويقضي هذا القرار ببناء ثلاث حاملات طائرات جديدة لتعزيز الأسطول الروسي في بحر الشمال والمحيط الهادي، وبما يمكن من إطلاق مقاتلات الجيل الخامس (مثل سوخوى T-50) التي بدأت روسيا في إنتاجها ولا تحتاج إلى ممرات إقلاع طويلة، ويمكن إقلاعها من ممرات قصيرة أو رأسيا مثل المروحيات. ويتوافر حاليا في البحرية الروسية حاملة طائرات واحدة - هي الأدميرال كوزينتسوف - وستعمل الحاملات الجديدة بالطاقة النووية مما يزيد من إمكانات عملها عندما تقوم برحلات طويلة ويقلل نفقات الصيانة، مع إمكان تحميلها بحوالي 35 مقاتلة بما فيها طائرات بدون طيار، بالإضافة لبناء 14 فرقاطة خلال 3 سنوات.
وفي إطار خطط تطوير البحرية الروسية التي أعلنها الرئيس الروسي ميدفيديف “بناء مجموعة من السفن الحربية بصورة متسلسلة وفي مقدمتها الغواصات النووية المجهزة بصواريخ مجنحة، وغواصات متعددة الأغراض”. تم إقرار بناء غواصة نووية رابعة من طراز “يورو دولوجوركى” التي بإمكانها الغوص لعمق 450 مترا، ومسلحة بـ 16 صاروخ “بولافا” الذي سبق تجربته بنجاح وبقدرته على اختراق أي شبكة دفاع جوي معادية، مع توافر مخطط مستقبلي لبناء 8 غواصات نووية أخرى مسلحة بصواريخ كروز وذلك بحلول عام2020، وبتكلفة 10 مليار دولار. وبجانب تطوير الغواصات التقليدية فئة (كيلو) وطرحها للبيع في الاسواق الخارجية، فقد تم تطوير جيل جديد يعتبر الرابع بالنسبة للغواصات التقليدية، أطلق عليه “آمور Amur) بأحجام تتراوح من 900 إلى 2000 طن. وهي قابلة للتجهيز بنظام دفع غير هوائي يعمل على تحويل خلية الوقود، ومن ميزاتها القتالية القدرة على إطلاق ستة أسلحة كدفعة أولى خلال 15 ثانية.
وقد اعتبرت القيادة البحرية الروسية أن الغواصات النووية (تايفون، دلتا5- ) قادرة على الاستمرار في العمل، أما باقى النوعيات فهي غير قادرة على العمل وينبغي إحالتها للتقاعد، على أن تسلح الغواصات تايفون بصواريخ SS-N-24 و SS-N -26 - وكذلك الصاروخ (سينتا) عابر القارات ومداه يصل إلى 8300 كم ومزود بـ 8 رؤوس نووية ويطلق من الغواصة طراز (بولافا).
أما في إطار الذخائر البحرية فقد أنتجت مصانع شركة ستريلا الصاروخ (ياخونت 3M55) سوبر سونيك مضاد للسفن يمكن إطلاقه من سفينة سطح أو غواصة، وأيضا الصاروخ (3M5-KLUB) من الغواصات لمدى 50كم ومن سفن السطح لمدى 220 كم، ويصنف الأخير باعتباره صاروخ كروز، حيث يطير بسرعة تفوق سرعة الصوت وعلى إرتفاع من 15-10 متراً عن سطح البحر.
وفي مواجهة تطور نظام الدفاع الصاروخي الوطني الأمريكي NMD ونشر بعض عناصره في تشيكيا وبولندا، واشتماله على عناصر فضائية، أعلن نائب رئيس وكالة الفضاء الروسية يورى نوسينكو أن منظومة الرصد والملاحة الروسية عبر الأقمار الصناعية “جلوناس GLONASS” ستكون حتى عام 2011 معادلة للمنظومة الأمريكية GPS والأوروبية جاليليو Galileo من حيث دقة تحديد الإحداثيات، وأضاف (نضع أمامنا مهمة أن تبلغ دقة منظومة “جلوناس” المخصصة للمستخدمين المدنيين مسافة متر واحد حتى عام 2011. وحتى الآن تبلغ دقتها 5 متر في حين المنظومة الأمريكية حاليا 3 متر.
وقد أطلقت هذه المنظومة إلى المدار الخارجي في نهاية عام 2007 ستة أقمار صناعية (جلوناس - إم) وذلك بواسطة صاروخين من طراز (بروتون)، أما اعتباراً من عام 2010 فستطلق إلى المدار الخارجي الأجهزة الفضائية (جلوناس - كا) حصراً. وهي اختصار Global Navigation Satellile System.
وحاليا يحلق في المدار الفضائي عشرون قمراً صناعيا تتبع نظام (جلوناس)، وبذلك تضمن هذه المنظومة لروسيا وسيلة إتصال في شكل كلي، وتغطي ما يتراوح بين 90 -95 من الإتصالات الأوروبية، و80? من الإتصالات العالمية. وخلال العام الحالي (2009) من المقرر إطلاق 6 أقمار صناعية أخرى ليصل العدد الكلى إلى ثلاثين (30) قمراً صناعياً بما فيها التي تعمل كاحتياطي: وقد إتخذ قرار فيدرالي في روسيا يقضي بضرورة تزويد مركبات المواصلات كافة بوسائل إتصال مستمر بنظام (جلوناس). كما تم بالفعل تزويد جميع الطائرات والمروحيات الروسية بأجهزة استغاثة تعمل في إطار منظومة جلوناس، والتي بلغت ميزانية تطويرها 2 مليار دولار.
كانت الأولوية في التسعينات تعطى لتطوير أسلحة الردع الإستراتيجية - خاصة الصواريخ متوسطة المدى والعابرة للقارات المسلحة برؤوس نووية متعددة - ووسائل إطلاقها. ولكن بعد أحداث الشيشان أعطى بوتين أولوية لتطوير وإنتاج أنظمة تسليح وذخائر حديثة للقوات البرية، تشمل ذخائر ذكية موجهة ذاتيا دقيقة الإصابة، والتي تفوقت فيها الولايات المتحدة في حروب الخليج وأفغانستان، هذا إلى جانب تطوير مركبات قتال مدرعة خفيفة وسريعة الحركة تحمل أفراد مشاة - مثل مركبات القتال المدرعة خفيفة الحركة وبرمائية قادرة على نقلهم بسرعة إلى ساحات المعارك، بالإضافة لراجمات الصواريخ متعددة المواسير لزيادة قوة النيران المساندة لعمليات المشاة، والتدريب على القتال في المدن والمناطق المبنية والجبلية والغابات لمواجهة حروب العصابات التي يشنها الإنفصاليون في الأقاليم الحدودية (شيشان، داغستان، أبخاريا .. الخ)
وبجانب ما سبق الإشارة إليه من إعادة تنظيم القوات البرية، فقد نصت خطة تطوير هذه القوات على ضرورة الاهتمام بتطوير نوعيات جديدة من دبابات القتال الرئيسية وعربات القتال المدرعة والصواريخ المضادة للدبابات، بما يواكب متطلبات المهام العملياتية في دائرة المجال الحيوي الروسي في القرن الواحد والعشرين.
ومن هنا جاء الاهتمام بتطوير دبابة القتال الرئيسية T-90 وزيادة قوة الصدمة فيها من خلال زيادة قوة نيرانها (مدفع 125مم)، وزيادةخفة الحركة (60/ساعة)، وقوة الدرع بتوفير وسائل الحماية من الصواريخ المضادة للدبابات، وعربة القتال المدرعة BMP-3 والصواريخ المضادة للدبابة IT-15، وتزويد وحدات المدفعية وراجمات الصواريخ متعددة المواسير بذخائر ذكية موجهة ذاتيا وزيادة مداها لأبعد من 60كم ودعمها بطائرات بدون طيار، إضافة للصواريخ أرض/أرض التكتيكية (اسكندر A, B) ذات المدى من 200-500كم هذا إلى جانب تطوير وسائل الدفاع الجوي قصيرة المدى اللازمة للدفاع الموضعي عن التشكيلات الميدانية البرية خاصة في مواجهة الهجمات الجوية والصاروخية على الإرتفاعات المنخفضة. وأيضا تطوير وحدات المهندسين العسكريين بتزويدها بمعدات حديثة لسرعة فتح الثغرات في حقول الألغام، وإقامة الكبارى، السريعة أمام الموانع المائية وتزويد الوحدات البرية بـ(روبوتات) لاستكشاف مواقع العدو المحصنة في المباني قبل الهجوم عليها.
وجاء ذلك في إشارة إلى نجاح تجربة الصاروخ RS-24 في نوفمبر 2008 والتي تلاها قرار بضمه إلى الخدمة الميدانية قبل نهاية عام 2009. وينتظر أن يحل محل نظامي الصواريخ RS-18، RS-20 وهما أيضا من الجيل الخامس ويقدران على حمل 6-10 رؤوس نووية.
ويعترض بعد القادة الروس على ذلك باعتبار أن النظام الصاروخي RS-20 يمكن تمديد خدمته إلى 10 سنوات أخرى، وهو الأقوى في العالم ويوجد منه 88 منصة إطلاق ويحمل 10 رؤوس تصل قدرتها التدميرية إلى 8.8 ميجاطن ومداه إلى 11.000 كم، وأن استبداله بنظام RS-24 سيتطلب نفقات مالية باهظة. أما الصواريخ الأقدم RS-20B فهي بالفعل تقترب من نهاية خدمتها ميدانيا وستسحب قريبا.
وقد أعلن القادة الروس أن سلاح الصواريخ الإستراتيجية سيزيد وبصورة حادة من ترسانته من الصواريخ الباليستية عابرة القارات، حيث سيحصل على 17 صاروخ باليستي إضافي سنوياً، مقارنة بأربع صواريخ كان يحصل عليها سنويا خلال الأعوام الماضية، وتدخل الصواريخ عابرة القارات في إطار خطة طموحة لتحديث ترسانة الجيش الروسي بدأت في عام 2007 ومستمرة إلى 2015، وتبلغ قيمة البرنامج 189 مليار دولار، ويتضمن هذا البرنامج الحصول على 34 صاروخ طراز (توبول -م) ووحدات التحكم الخاصة بها من التي تستخدم قواعد أرضية ثابتة، فضلا عن 50 صاروخ آخر تعمل من منصات إطلاق متحركة، وتنشر روسيا حالياً حوالي 40 صاروخ من هذا الطراز.
وتوجد حاليا خطة لتزويد قوات الصواريخ الإستراتيجية بـ 6منصات إطلاق متحركة قبل نهاية عام 2009 في إطار أول فوج تزود به هذه القوات بأنظمة صاروخية ذات منصات متحركة تحمل صواريخ برؤوس إنشطارية. في ذات الوقت يتم التخطيط لوضع نظام الصاروخ توبول - M المتحرك في تشكيلتي الصواريخ الإستراتيجية (تيكونو) و(تاتيشيفو).
ولدى روسيا حالياً 700 منصة لإطلاق الصواريخ الإستراتيجية، وهو ما دفع قائد سلاح الجو الروسي الجنرال فلاديمير ميخائيلوف إلى القول بأن “الولايات المتحدة تنفق عبثا أموالا طائلة لنشر دروع صاروخية في أوروبا، فالشبكة الأمريكية لن تكون قادرة في جميع الأحوال على التصدي لأكثر من بضع عشرات من الصواريخ الروسية في حال الإشتباك، فما مدى فاعلية نشر الصواريخ في هذه الحال؟”.
والإجابة على هذا السؤال طرحت عدة فرضيات أمام الخبراء الروس، أولها يكون نشر الصواريخ في بولندا وتشيكيا مجرد خطوة أولى سيتلوها نشر منظومات مماثلة في بلغاريا والمجر وسلوفاكيا، وبعد ذلك في بلدان أسيوية في منطقتي آسيا الوسطى والمحيط الهادي. وفي تلك الحال ستكون واشنطن قد أقامت طوقاً لأنظمة الرصد والشبكات الصاروخية يغطي أراضي روسيا كلها، وهذا ما يفسر الإسراع في تطوير قدرات صاروخية روسية قادرة على إختراق الدرع الأمريكى في كل وقت.
أما الفرضية الثانية فتقوم على إحتمال تخطيط واشنطن لإجراء تعديلات لاحقة في مواقع الشبكات الصاروخية الدفاعية تحولها عند الحاجة إلى قواعد لنشر صواريخ إستراتيجية عابر للقارات، وهذا سيجبر روسيا على نشر شبكات دفاعية على طول حدودها وهو أمر مكلف ومعقد. وعلى رغم ذلك يرى العسكريون الروس أن أنظمة الدفاع الصاروخى الروسية (Triumph S-400) يمكن أن تشكل أساساً لهذه الشبكات بعد إدخال تحسينات جديدة عليها لتصل سرعة صواريخها من 4.5كم/ثانية حالياً إلى نحو 9كم/ ثانية، وينتمي هذا النظام إلى الجيل الأكثر حداثة في تلك المنظومة، حيث تتميز صواريخ S-400 بقدرتها على إصابة وتدمير جميع الطائرات والصواريخ المجنحة وجميع وسائل الهجوم الجوية الأخرى الموجودة في العالم حاليا. وتم نشر هذا النظام في بيللاروسيا، وفي منطقة الحدود الروسية مع كوريا الشمالية في الشرق الأقصى.
أما الفرضية الثالثة فتقوم على أن خطط واشنطن ربما تكون غير واقعية، أي أن الأمريكيين أطلقوا بالون إختبار لقياس رد الفعل الروسي، وكشف مدى إستعداد روسيا لمواجهة أى تطورات ممكنة، ويعقد البعض مقارنات بين الوضع الحالي ومبادرة الدفاع الإستراتيجي المعروفة بـ “حرب النجوم” التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، وأرهقت الإتحاد السوفييتي في محاولات مجاراتها.
وإلى جانب الإعتماد على منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ والطائرات S-400 كركيزة لهيكل الدفاع الجوى والصاروخى الروسى، فقد إهتمت الصناعة العسكرية الروسية أيضا بتحديث منظومات الدفاع الصاروخى والجوى “S-300”، و’’انتاى 2500”، و”تور-م”، و”إيجلاس-س”، و”بوك-م1” و”أوسا-أك م”، وتفوسكا-م1”، هذا إلى جانب تطوير منظومة الإنذار المبكر بأنظمة مراقبة فضائية وجوية ورادارية.
أجيال جديدة من الطائرات
وفي حين ينصب الإهتمام الروسى على تطوير القدرات الصاروخية، فإن الخطة الإستراتيجية الروسية تشمل تطوير سلاح الجو كله، بما في ذلك تحديث قدرات المقاتلات الروسية ورفع درجة كفاءتها خلال العامين القادمين مرتين ونصف بحسب المصادر العسكرية، وفي هذا الإطار فإن الجيش الروسي يستعد لاستخدام أجيال جديدة من المقاتلات (سوخوى) الحديثة طراز (سو35). وقد أظهرت معركة جوية إفتراضية نظمت في قاعدة (هيكيم) للقوات الجوية الأمريكية أن المقاتلة الأمريكية الحديثة F-35 لا تستطيع منافسة المقاتلة الروسية سوخوى -30 (الأقدم من سوخوى - 35) إذ تغلبت المقاتلة الروسية على غريمتها الأمريكية على شاشة الكمبيوتر في جهاز المحاكاة.
ومع بداية عام 2008 بدء تصنيع الجيل الخامس من المقاتلات (سوخوى) بواسطة شركة تشاكلوف للصناعات الجوية، وذلك بتجميع المقاتلة القاذفة (سوخوى 35) الحديثة للمرة الأولى، وذكرت شركة سوخوى القابضة أن باستطاعتها حالياً تجميع 20 طائرة فى وقت واحد فى مصانعها بمنطقة نوفوسبيرسك، وذلك بعد التحديث الذي أدخل على مصانع الشركة طوال عام 2007. بالإضافة إلى ذلك نجحت المؤسسة الصناعية العسكرية في تطوير مقاتلة جديدة تقوم على أساس المقاتلة (ياك 130) التي ستدخل الخدمة إعتبارا من العام المقبل 2010.
وأيضا من مقاتلات الجيل الخامس التي تطورها روسيا المقاتلة الجديدة (ت-50) التي أطلق عليها إسم طائرة المستقبل وذلك بحلول عام 2015، والتي تطلق عليها القوات الجوية الروسية أيضا (سوخوى PARK - FA) وتعنى Future Air Complex for Tactical Air Forces. وهى أقرب من إمكانات المقاتلة الأمريكية F-22 رابتور، ومهمتها تحقيق التفوق الجوى فى المرتبة الأولى، بينما تأتي مهام قصف أهداف أرضية وبحرية في المرتبة الثانية، وتبلغ قيمة الواحدة منها 30 مليون دولار، ويبدأ خط إنتاجها عام 2010. وهي قادرة على الإقلاع من ممرات قصيرة (160م)، كما تتمتع بالقدرة على التخفي من الرادارات (نظرية ستيلث) مع تدني شديد في مقطعها الراداري ويساعد على ذلك أن محركي الطائرة - من إنتاج مصانع ساتورن في مدينة ريبينسك - يتيح لها أن تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت مرتين ونصف من دون أن يتطلب ذلك مزيدا من الوقود، وبالتالي لا ينبعث منها المزيد من الحرارة التي تقلل قدرة الطائرة على التخفي عن الرادارات المعادية.
وتعتبر المقاتلة الإعتراضية (ميج -35) هي الأحدث بعد (ميج -29) لتوفير الحماية والسيطرة الجوية والقتال الإعتراضي في الجو، ويطلق عليها حلف الناتو FUL-CEAF، وهي متعددة المهام، ومزودة بأحدث النظم الإليكترونية في مجال الرصد والتتبع والتصويب بالصواريخ جو/جو والإتصالات والإعاقة، وأهم تطوير فيها هو إدخال نظام رادار مصفوفي يساعد في تحسين الكشف والتتبع وزيادة المدى للكشف المبكر لعدة أهداف معادية وتفاديها. حيث تسمح بكشف الأهداف الجوية لمدى 45كم، والأهداف الأرضية 20كم، ومحركها عالي القدرة LBF-19840، وتسلح بصواريخ جو/جو، وجو/أرض، وقنابل جو/أرض، ومدفع 30مم.
كما تسعى روسيا لتطوير القاذفات الإستراتيجية لتكون قادرة على حمل صواريخ كروز بعيدة المدى SS-X-27 تعمل بنظرية ستيلث (الإخفاء).
وفي مجال المروحيات قام مصنع (ميل) بتطوير المروحية (مى-28 N) والتي تعد نسخة معدلة بقدرات أكبر من المروحية (مى-24) التي تعتمد عليها التشكيلات الجوية الروسية حاليا، والمروحية KA-52. وسيحصل السلاح الجوي الروسي على 100 مروحية من طراز (مى-28N) الهجومية وهي قادرة على حمل 3640 كجم من الأسلحة والذخائر ومجهزة بصواريخ مضادة للدبابات ومعدات زرع ألغام وجهاز ليزر لتحديد المسافات، وتبلغ سرعتها 33كم/ساعة وتحلق ساعتين في الطلعة الواحدة، ولذلك تخصصت لمهاجمة الأهداف المعادية المدرعة وتجمعات المشاه ليلا ونهاراً. وقد دخلت الخدمة في نهاية عام 2009 بعد أن إجتازت الاختبارات والإستخدام التجريبي. كما قرر الجيش الروسي إحلال أسطوله الضخم من المروحيات الخفيفة (مى-2) بمروحيات أخرى خفيفة أحدث طراز (Ansat-3) حيث بإمكانها نقل حمولة تزن 1.7 طن، كما يمكنها نقل 17 فرد، ومداها 950كم. أما الطراز الأحدث (Ansat-2RC) فهي متعددة المهام تخصص للاستطلاع بقوة والهجوم الأرضي والدفاع الجوي، ومنها طراز يعمل مع القوات البحرية حيث تسلح به الفرقاطات الحديثة.
وتطور مصانع الطائرات الروسية سلسلة من طائرات التجسس مصممة للتحليق في طبقات الجو العليا (ستراتوسفير)، ولا يمكن رصدها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي المعادية. وبهذا النوع من طائرات الاستطلاع يمكن مراقبة مناطق واسعة من الأرض دون الدخول في المجال الجوى للدول المعادية. هذا في حين تقوم حاليا المقاتلات سوخوى MR-24، ميج 215 RB بمهام الاستطلاع الجوي وتوجد منها أعداد كافية في السلاح الجوي الروسي.
وتبدي القوات الجوية الروسية إهتماما كبيرا بتطوير أسطولها من الطائرات بدون طيار، فقد طلبت وزارة الدفاع الروسية تصنيع سلسلة متكاملة من طائرات بدون طيار لمهام الاستطلاع والتعقب والهجوم ضد أهداف أرضية ثابتة ومتحركة من الطراز الجديدة (تيبشاك)، ويمكنها التحليق لمدة 24 ساعة وعلى مدى 40كم من مركز السيطرة الأرضي، هذا بالإضافة لتطوير الجيل الحالي من الطائرات بدون طيار طراز (IRKUT) وأحدثها قيد التطوير حاليا (IRKUT-DA42) ويتميز هذا النوع باقتصادية التشغيل والصيانة والعمر الإفتراضى العالي جدا، ولكن مهمتها تنحصر في الاستطلاع بواسطة المستشعرات وإرسال صور فورية عالية الدقة والوضوح إلى المحطات الأرضية التي تطلقها، وينفرد الطراز الأحدث IRTUT-850 بقدرته على إرسال صور ثلاثية الأبعاد رادارية وفيديو وأخرى بالأشعة تحت الحمراء وحتى مسافة 200كم من المحطة الأم. وتصل سرعتها إلى 270كم/ساعة وعلى إرتفاع حتى 9كم، ولكن مدة بقائها في الجو لا تتجاوز 12 ساعة. وقد أفاد قائد القوات الجوية الروسية الكسندر زبلين أن الطائرات بدون طيار الجديدة (تيبشاك) ستتسلمها القوات الجوية في عام 2011، وستمثل هذا النوع مستقبلا 40? من مجموعات طائرات القوات الجوية الروسية في مرحلة قادمة، وأكد أن دورها لن يقتصر على مهام الاستطلاع بل سيشمل القتال أيضا.
أما في مجال الذخائر الجوية فقد كشفت مجلة (ديفنس ويكلى) عن أحدث القنابل الروسية LGB-250 بالموجهة الليزر، وهى شبيهة بالقنبلة الأمريكية (بيفواى2). وأوضحت المجلة أن القنبلة الروسية تزن 100كجم من المواد المتفجرة والمتشطية وتصل دقتها إلى ما بين 3-10 متر، وسيتم تسليح المقاتلات سوخوى الحديثة بها. هذا بالإضافة لتطوير الصاروخ جو/جو 2 R73- من إنتاج شركة (فيمبل) للقتال الجوي القريب، وهو يتفوق على نظيره الغربي R77 الموجه بالرادار.
وسيتم به تسليح المقاتلات الروسية الحديثة من طرازات (سوخوى) و(ميج). وقد شهد عام 2009 تطوير روسيا لقنبلة فراغية أشد قوة من السلاح النووي، وقد وصفها التلفزيون الروسي بأنها “القنبلة الفراغية الأقوى”، وأوضح أنها تستطيع نشر موجه صدم تدميرية تحاكي قوة إنفجار قنبلة نووية، مما يعني أنها تذيب الفارق بين الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل، وقد أطلق عليها الروس (أبو القنابل جمعاء)وقد بثت قناة التلفزيون الروسية (فيستى تشانل) التابعة للدولة شريطا مسجلا لتجربة هذه القنبلة ألقتها قاذفة ثقيلة Tu-160حيث أحدثت انفجاراً كبيرا جدا في الموقع المستهدف أزال جميع المباني المقامة فيه. وهي تشبه إلى حد كبير القنبلة الأمريكية Dizzy cuter التي استخدمت في قصف معاقل تنظيم القاعدة وطالبان في جبال تورابورا في أفغانستان، وفي أثناء غزوها للعراق. وبالرجوع إلى المصادر الروسية تبين أن نظرية “التفجير الحجمي Volume Detonating Weapons” أو ما يطلق عليه “قنبلة الغاز”.
حيث تنفجر القنبلة على مرحلتين، يأتي الانفجار الأول صغيرا وينثر الشحنة الرئيسية المكونة من بودرة الوقود الصلبة الممزوج بنسبة قليلة من المواد المؤكسدة، وفي قلب هذا المخزون يوضع شحنة شديدة التفجير (صاعق). وعند انفجار الشحنة الأولى ينفجر خزان الوقود وينثر مواده في الفضاء المتاح، وبذلك تمتزج تلك المواد مع أكسجين الهواء الجوي فوراً، وسرعان ما يتكون وسط حار يتسبب في احتراق سريع وكامل للوقود، عندها تكون كثافة السحابة المتفجرة قد وصلت إلى الكثافة والإرتفاع المطلوبين مما يؤدى إلى توليد الموجه التفجيرية الثانية.
والتي تولد موجات ضغط عالية جداً (قد تصل إلى أكثر من 30 ضغط جوي) كفيلة بإبادة كل من تحت السحابة من أفراد ومعدات ومركبات ومنشآت وألغام نتجية توليد فراغ جوي، وبعد إستهلاك كميات كبيرة من الأكسجين الذي يشكل خمس الهواء، والذي يضغط بثقله الهائل على المساحة التي انتشرت السحابة الغازية فوقها، حيث يتبخر أي كائن حي في هذه المنطقة على حد تعبير التلفزيون الروسي. وهي أقوى بكثير من القنبلة الأمريكية “قنبلة التفجير الهوائي فائقة الكتلة (MOAB) Massive Ordinance Air Blast Bomb) والتي أطلق عليها الأمريكيون أم القنابل. وقد أكد التقرير الذي بثته القناه التلفزيونية الروسية أن هذا السلاح لا يترك أي أثر ملوث على البيئة (لا إشعاعات) مقارنة بالأسلحة النووية.
وعلى عكس ما توفره الجدران الصلبة والخراسانات المسلحة من حماية للأفراد من المتفجرات التقليدية، فإن القنبلة الفراغية الجديدة تدمر جميع التحصينات، بل تضاعف من مفاعيل القنبلة، وتقود موجه الصدم عبر الرذاذ المتفجر بين الجدران والهياكل الصلبة لتطاول كل المختبئين في ثنايا المباني المحصنة، وكلما كانت الجدران والدعم أقوى كان مفعول الضغط المنعكس عليها أكبر. كما أن دمج غبار الوقود المتناثر بالأوكسجين المحيط في عملية كيماوية تفاقم في سرعتها سرعة موجة الضغط والحرارة، كذلك يساهم حصار الجدران الصلبة في سرعة نشوء حال الفراغ التى يخلفها تفاعل اختراق الوقود في الأماكن المقفلة.
تطوير البحرية الروسية
ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية، اتخذت القيادة السياسية - العسكرية الروسية في 27/2/2009م قراراً جريئا لم يسبق أن إتخذ حتى في عهد إزدهار الاتحاد السوفيتي السابق، ويقضي هذا القرار ببناء ثلاث حاملات طائرات جديدة لتعزيز الأسطول الروسي في بحر الشمال والمحيط الهادي، وبما يمكن من إطلاق مقاتلات الجيل الخامس (مثل سوخوى T-50) التي بدأت روسيا في إنتاجها ولا تحتاج إلى ممرات إقلاع طويلة، ويمكن إقلاعها من ممرات قصيرة أو رأسيا مثل المروحيات. ويتوافر حاليا في البحرية الروسية حاملة طائرات واحدة - هي الأدميرال كوزينتسوف - وستعمل الحاملات الجديدة بالطاقة النووية مما يزيد من إمكانات عملها عندما تقوم برحلات طويلة ويقلل نفقات الصيانة، مع إمكان تحميلها بحوالي 35 مقاتلة بما فيها طائرات بدون طيار، بالإضافة لبناء 14 فرقاطة خلال 3 سنوات.
وفي إطار خطط تطوير البحرية الروسية التي أعلنها الرئيس الروسي ميدفيديف “بناء مجموعة من السفن الحربية بصورة متسلسلة وفي مقدمتها الغواصات النووية المجهزة بصواريخ مجنحة، وغواصات متعددة الأغراض”. تم إقرار بناء غواصة نووية رابعة من طراز “يورو دولوجوركى” التي بإمكانها الغوص لعمق 450 مترا، ومسلحة بـ 16 صاروخ “بولافا” الذي سبق تجربته بنجاح وبقدرته على اختراق أي شبكة دفاع جوي معادية، مع توافر مخطط مستقبلي لبناء 8 غواصات نووية أخرى مسلحة بصواريخ كروز وذلك بحلول عام2020، وبتكلفة 10 مليار دولار. وبجانب تطوير الغواصات التقليدية فئة (كيلو) وطرحها للبيع في الاسواق الخارجية، فقد تم تطوير جيل جديد يعتبر الرابع بالنسبة للغواصات التقليدية، أطلق عليه “آمور Amur) بأحجام تتراوح من 900 إلى 2000 طن. وهي قابلة للتجهيز بنظام دفع غير هوائي يعمل على تحويل خلية الوقود، ومن ميزاتها القتالية القدرة على إطلاق ستة أسلحة كدفعة أولى خلال 15 ثانية.
وقد اعتبرت القيادة البحرية الروسية أن الغواصات النووية (تايفون، دلتا5- ) قادرة على الاستمرار في العمل، أما باقى النوعيات فهي غير قادرة على العمل وينبغي إحالتها للتقاعد، على أن تسلح الغواصات تايفون بصواريخ SS-N-24 و SS-N -26 - وكذلك الصاروخ (سينتا) عابر القارات ومداه يصل إلى 8300 كم ومزود بـ 8 رؤوس نووية ويطلق من الغواصة طراز (بولافا).
أما في إطار الذخائر البحرية فقد أنتجت مصانع شركة ستريلا الصاروخ (ياخونت 3M55) سوبر سونيك مضاد للسفن يمكن إطلاقه من سفينة سطح أو غواصة، وأيضا الصاروخ (3M5-KLUB) من الغواصات لمدى 50كم ومن سفن السطح لمدى 220 كم، ويصنف الأخير باعتباره صاروخ كروز، حيث يطير بسرعة تفوق سرعة الصوت وعلى إرتفاع من 15-10 متراً عن سطح البحر.
منظومة فضائية جديدة
وفي مواجهة تطور نظام الدفاع الصاروخي الوطني الأمريكي NMD ونشر بعض عناصره في تشيكيا وبولندا، واشتماله على عناصر فضائية، أعلن نائب رئيس وكالة الفضاء الروسية يورى نوسينكو أن منظومة الرصد والملاحة الروسية عبر الأقمار الصناعية “جلوناس GLONASS” ستكون حتى عام 2011 معادلة للمنظومة الأمريكية GPS والأوروبية جاليليو Galileo من حيث دقة تحديد الإحداثيات، وأضاف (نضع أمامنا مهمة أن تبلغ دقة منظومة “جلوناس” المخصصة للمستخدمين المدنيين مسافة متر واحد حتى عام 2011. وحتى الآن تبلغ دقتها 5 متر في حين المنظومة الأمريكية حاليا 3 متر.
وقد أطلقت هذه المنظومة إلى المدار الخارجي في نهاية عام 2007 ستة أقمار صناعية (جلوناس - إم) وذلك بواسطة صاروخين من طراز (بروتون)، أما اعتباراً من عام 2010 فستطلق إلى المدار الخارجي الأجهزة الفضائية (جلوناس - كا) حصراً. وهي اختصار Global Navigation Satellile System.
وحاليا يحلق في المدار الفضائي عشرون قمراً صناعيا تتبع نظام (جلوناس)، وبذلك تضمن هذه المنظومة لروسيا وسيلة إتصال في شكل كلي، وتغطي ما يتراوح بين 90 -95 من الإتصالات الأوروبية، و80? من الإتصالات العالمية. وخلال العام الحالي (2009) من المقرر إطلاق 6 أقمار صناعية أخرى ليصل العدد الكلى إلى ثلاثين (30) قمراً صناعياً بما فيها التي تعمل كاحتياطي: وقد إتخذ قرار فيدرالي في روسيا يقضي بضرورة تزويد مركبات المواصلات كافة بوسائل إتصال مستمر بنظام (جلوناس). كما تم بالفعل تزويد جميع الطائرات والمروحيات الروسية بأجهزة استغاثة تعمل في إطار منظومة جلوناس، والتي بلغت ميزانية تطويرها 2 مليار دولار.
تطوير القوات البرية
كانت الأولوية في التسعينات تعطى لتطوير أسلحة الردع الإستراتيجية - خاصة الصواريخ متوسطة المدى والعابرة للقارات المسلحة برؤوس نووية متعددة - ووسائل إطلاقها. ولكن بعد أحداث الشيشان أعطى بوتين أولوية لتطوير وإنتاج أنظمة تسليح وذخائر حديثة للقوات البرية، تشمل ذخائر ذكية موجهة ذاتيا دقيقة الإصابة، والتي تفوقت فيها الولايات المتحدة في حروب الخليج وأفغانستان، هذا إلى جانب تطوير مركبات قتال مدرعة خفيفة وسريعة الحركة تحمل أفراد مشاة - مثل مركبات القتال المدرعة خفيفة الحركة وبرمائية قادرة على نقلهم بسرعة إلى ساحات المعارك، بالإضافة لراجمات الصواريخ متعددة المواسير لزيادة قوة النيران المساندة لعمليات المشاة، والتدريب على القتال في المدن والمناطق المبنية والجبلية والغابات لمواجهة حروب العصابات التي يشنها الإنفصاليون في الأقاليم الحدودية (شيشان، داغستان، أبخاريا .. الخ)
وبجانب ما سبق الإشارة إليه من إعادة تنظيم القوات البرية، فقد نصت خطة تطوير هذه القوات على ضرورة الاهتمام بتطوير نوعيات جديدة من دبابات القتال الرئيسية وعربات القتال المدرعة والصواريخ المضادة للدبابات، بما يواكب متطلبات المهام العملياتية في دائرة المجال الحيوي الروسي في القرن الواحد والعشرين.
ومن هنا جاء الاهتمام بتطوير دبابة القتال الرئيسية T-90 وزيادة قوة الصدمة فيها من خلال زيادة قوة نيرانها (مدفع 125مم)، وزيادةخفة الحركة (60/ساعة)، وقوة الدرع بتوفير وسائل الحماية من الصواريخ المضادة للدبابات، وعربة القتال المدرعة BMP-3 والصواريخ المضادة للدبابة IT-15، وتزويد وحدات المدفعية وراجمات الصواريخ متعددة المواسير بذخائر ذكية موجهة ذاتيا وزيادة مداها لأبعد من 60كم ودعمها بطائرات بدون طيار، إضافة للصواريخ أرض/أرض التكتيكية (اسكندر A, B) ذات المدى من 200-500كم هذا إلى جانب تطوير وسائل الدفاع الجوي قصيرة المدى اللازمة للدفاع الموضعي عن التشكيلات الميدانية البرية خاصة في مواجهة الهجمات الجوية والصاروخية على الإرتفاعات المنخفضة. وأيضا تطوير وحدات المهندسين العسكريين بتزويدها بمعدات حديثة لسرعة فتح الثغرات في حقول الألغام، وإقامة الكبارى، السريعة أمام الموانع المائية وتزويد الوحدات البرية بـ(روبوتات) لاستكشاف مواقع العدو المحصنة في المباني قبل الهجوم عليها.